الخميس، 17 أبريل 2014

ليس الطعن في النسب أو التشكيك فيه بغير بينةٍ قاطعة بأقل إثماً من الانتساب إليه زوراً وكذباً.

ورد عن النبي صلى الله عليه واله وصحبه  وسلم أنه قال: من انتسب إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، كما قال عليه الصلاة والسلام...

ولبعض المزايا في النسب الهاشمي حاول الكثير من المزورين والدجالين عبر التاريخ الانتساب إليه، وخاصة في المناطق الشيعية أو الصوفية، فنجح البعض في إمرار بدعتهم وفشل البعض الآخر...

ومن أشهر من انتسب إلى النسب الهاشمي: العبيديون الذين تلقبوا بالفاطميين وحكموا مصر وشمال أفريقيا فترة من الزمن، وقد رد كثير من المؤرخين والنسابة نسبتهم هذه واعتبروها كذبة سمجة، رغم أنها انطلت على مؤرخين آخرين كالمقريزي وابن خلدون وغيرهم...

وفي اليمن حصل تلاعب كبير بهذا النسب خلال القرون الماضية، فادعى بعض الأدعياء نسبتهم إلى بني هاشم أو إلى علي بن أبي طالب زورا وبهتانا، فظهر كذب بعضهم وعرف كما سيأتي إن شاء الله...

واللافت للنظر العدد الكبير جدا من المنتسبين للنسب الهاشمي في اليمن وفي بعض البلاد الأخرى وخاصة التي فيها تشيع، كالعراق وإيران وأمثالها، ومن أشهر المدعين في هذا العصر آية الله العظمى علي السيستاني المرجع الإمامي الضال المعروف، والذي يؤكد فضيلة الشيخ البلوشي (الإيراني السني المقيم في لندن هربا من الدولة الفارسية) أن السيستاني من منطقة سيستان وأن أسرته ومنطقة معروفون وليس لهم علاقة بآل البيت!!!

والحاصل أنني سأذكر في مادتي هذه -إن شاء الله- بعضا من أهم العوائل التي ثبت كذب ادعائها النسبة لهذا الانتماء، أو التي في انتمائها شك قوي معروف، بنقل من بعض كبار النسابة والمؤرخين...

والقصد من المادة إثبات وجود التزوير في الانتساب لآل البيت في اليمن وفي المناطق الزيدية على وجه الخصوص، خلافا لما يدعيه بعض الزيدية الهاشميين من أنه لا يوجد تزوير في نسب أحد منهم في اليمن، وأن أنسابهم أقوى الأنساب...

وأحب أن أؤكد قبل الشروع في المادة على مسألتين: الأولى اعتقادي أن انتساب الإنسان إلى هذا النسب لن يغني عنه من الله شيئا يوم القيامة، فإنما يجازى الإنسان بعمله كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ابنته بقوله: لا أغني عنك من الله شيئا، ونسبها هو أعظم نسب هاشمي في التاريخ، وفي نفس الوقت فإنني لا أنفي بعض الأحكام الشرعية للمنتمين لهذا النسب الطيب ووجوب توليهم إن كانوا من أهل السنة والجماعة الصالحين...

والثانية: أنني لا أطعن في الأنساب المعروفة، والانتماءات الموثقة المشهورة من الهاشميين وغيرهم، فإن من ثبت نسبه بدون شك فلا يجوز الطعن فيه، بل هو من الكبائر، وإنما كلامي في المشكوك في أنسابهم وانتماءاتهم، فالزور لا يرضى به عاقل، وأعلم أن بعض الشيعة لن يعجبهم الموضوع من باب التعظيم الزائف لآل البيت، ومن باب يكاد المريب، ولكن الموضوع مطروح للنقاش...

والله المستعان...

قال المؤرخ يحيى بن الحسين في بهجة الزمن: 

وفي رابع عشر شهر شوال يوم الأحد سنة 1088هـ توفي السيد عز الدين (يقصد العلامة محمد بن علي بن صلاح العبالي الملقب بعز الدين) وكانت وفاته بصنعاء...

وهو وأقاربه يقولون: إنهم هادوية من أولاد الهادي، ويقول غيرهم أنهم علوية...

وبعض السادة الذين سكنوا الأهجر أولاد السيد حسين بن علي بن شرف الدين بن عز الدين بن مطهر الأهجري...

وذكروا أنهم ينتسبون إلى جدهم مطهر هذا ابن علي بن محمد بن هادي بن أحمد بن محمد بن سليمان بن قاسم بن يحيى بن حسين بن قاسم بن حسين بن حسين بن قاسم بن يوسف بن الإمام الداعي...

ولم أجد هذا النسب في المشجرات أصلا...

وكان السادة بني العوامي يزعمون أنهم من أولاد الإمام أحمد بن سليمان...

فلم أجد نسبهم الذي ذكروه في شيء من المشجرات أصلا، والله أعلم...

وسبب ذلك أنهم أرادوا النكاح من سادة فاطميين من أهل كوكبان فمنعوا، وقالوا لا بد من معرفة النسب لأجل الكفاءة...

فجاؤوا بتدريج (نسبهم) إلى أحمد بن سليمان أو إلى أحمد بن الحسين) ا.هـ
وقال المؤرخ أحمد بن عبدالله الوزير صاحب كتاب (الفضائل) في ترجمة أحمد بن مطهر بن أحمد بن الفضل من منصور الوزير:

(ومن العجائب أن رجلا يسمى مسعود، أمه جارية لمزينة بصنعاء ادعى أنه من ولد أحمد بن مطهر، وأنه أخ لإدريس بن أحمد...

ولا أصل لهذه الدعوى لا حقيقة ولا مجازا...

وإنما أحب هذا الملعون! الدخول في نسب الأشراف...

وكان من مصائبه أن دعواه راجت عند جهلة الأشراف فناسبوه وأنكحوه، ونكحوا إليه!!!)

ثم قال: (وأبوه مزين معروف، وانتفاء نسبه عن أحمد بن مطهر معلوم بالضرورة الشرعية...

فليعلم ذلك من وقف عليه من الأهل وسائر الأشراف!!!) ا.هـ
وقال أحمد الوزير في كتاب الفضائل في ترجمة أحمد بن العفيف بن منصور المعاصر للإمام المهدي محمد بن المطهر بن يحيى:

(أنه توفي في الشرف في زمن الإمام...

ولم يكن له ولد غير ابنته المذكورة (التي تزوجها الإمام المهدي محمد بن المطهر بن يحيى وكان السياق عنها)...

وقد ذكر ناس من أهل الرحا (قرية في منطقة الشرفين في محافظة حجة) أنهم من ولده...

ولا يعلم له بولد، ولا حكاه سيدي الهادي (يقصد الهادي بن إبراهيم الوزير أخو العلامة محمد بن إبراهيم الوزير)

ولا غيره من الأهل مع حرصهم على مثل ذلك) ا.هـ

وممن تكلم المؤرخون من قديم الزمان عنهم بالتشكيك في انتسابهم للذرية العلوية، بيت آل باعلوي في حضرموت، والذين يتفرع منهم عامة الأسر المعروفة للسادة هناك مثل السقاف والجفري والصافي والعطاس وبن حفيظ وغيرهم...

وكذلك بيت الأهدل في تهامة وغيرها من الأماكن التي استقروا فيها...

وكذلك بيت القديمي في تهامة...

ولهذه الأصول الثلاثة قصة واحدة، ذكرها كثير من المؤرخين، وهي أن ثلاثة رجال من غير آل البيت قدموا من العراق إلى اليمن في منتصف القرن السادس الهجري، لما كانت اليمن كلها تحت قبضة الشيعة والخوارج، وخلت من أي دولة سنية، فقد كانت في صعدة دولة الشيعة الزيدية، وفي صنعاء وجبلة وإب وتعز دولة الإسماعيلية الصليحية، وفي عدن والحديدة دولة الإسماعيلية الزريعيين، وفي زبيد دولة الخوارج بني مهدي...

وهذا القادمان هما أخوان اثنان وابن عم لهما، فأما الأخوان فاسم أحدهما أحمد بن عيسى الذي لقب لاحقا المهاجر، والآخر علي بن عيسى، وأما ابن العم فاسمه محمد بن سليمان...

وقد استغلوا سيطرة الشيعة على اليمن، فانتسبوا زورا للذرية العلوية ليحققوا المكاسب المعروفة في تلك الحالات، ولم تكن أنسابهم معروفة، وكانوا شيعة إمامية، فأما الأول فذهب إلى حضرموت وإليه ينتسب آل باعلوي، وأما الثاني فذهب إلى وادي سردود في تهامة وإليه ينتسب آل القديمي، وأما الثالث فسكن وادي سهام في تهامة هناك وينتسب إليه بنو الأهدل...

وقد تأخر التهاميان في الانتساب إلى النسب الشريف!! فلما تأكدا من انتساب صاحبهما الحضرمي أعلنا انتسابهما...

وإلى المصادر:

1- قال حسين بن عبدالرحمن الأهدل في كتابه (تحفة الزمن): ومحمد بن سليمان هو الذي قدم من العراق إلى اليمن ومعه أخ أو ابن عم فعمد إلى الشرف!!! فذريته آل باعلوي بحضرموت...

عمد إلى الشرف يعني ادعى كذبا انتسابه للنسب الشريف...

2- قال الشرجي في (طبقات الخواص) في ترجمة الأهدل: قدم جده محمد المذكور من العراق هو وابنا عم له على قدم التصوف، فسكن بناحية الوادي سهام، وذهب أحد ابني عمه إلى ناحية الوادي سردد، وهو جد المشايخ بني القديمي، وذهب الثالث إلى حضرموت وهو جد المشايخ آل باعلوي هناك...

3- وقال الأهدل صاحب كتاب (المنهج الأعدل): إن أول قادم إلى اليمن من آبائه جده محمد بن سليمان خرج من العراق هو وابن عمه أحمد بن عيسى جد آل باعلوي مشايخ حضرموت في حدود سنة أربعين وخمسمائة تقريبا، وكذلك قال صاحب (المشروع الروي) ص 77

4- قال المؤرخ صالح بن حامد العلوي الحضرمي في كتابه (تاريخ حضرموت) 1/323: إن أحمد بن عيسى المهاجر الذي ينتسب إليه العلويون الحضارمة كان إمامي المذهب...

وهناك ملاحظتان في نهاية هذا المبحث الصغير:

الأولى: أن هناك تناقضا شديدا في كلام آل باعلوي الحضارمة، وكلام آل الأهدل التهاميين في تاريخ وفاة جديهما، رغم أنهما وصلا إلى اليمن سوية كما يدعي الأهادلة!! ففي حين تؤكد أكثر المصادر الحضرمية أن المهاجر كان في القرن الرابع الهجري وأنه توفي سنة 318هـ، فإن المصادر الأهدلية تكاد تجمع على أن جدهم ابن سليمان وصل اليمن سنة 540هـ، وفي هذا من التناقض ما لا يخفى، كما أنه يبدو أن الحضارمة آل باعلوي ليسوا متحمسين لتأكيد رواية التهاميين آل الأهدل وآل القديمي؛ وكأنهم ينفونها...

الثانية: ما ذكره بعض المؤرخين الحضارمة (من غير آل باعلوي) أن أحمد بن عيسى المهاجر مات في الطريق قبل أن يصل حضرموت، وأن غلامه الذي كان معه ادعى لما وصل أنه هو أحمد بن عيسى، فآل الباعلوي ينتمون إلى ذلك الغلام ويظنون أنهم من النسل الشريف...

وللتأكد والاستزادة يرجى مراجعة المرجعين الحضرميين التاليين اللذين يؤكدان هذه المعلومات ويعتبران أن انتساب آل باعلوي للذرية العلوية لا يصح ثبوته أبدا، ولا يجوز أن تنبني عليه أحكام شرعية:

1- كتاب (حدائق البواسق المثمرة في بيان أحكام صواب الشجرة) للشيخ علي بن أحمد باصبرين رحمه الله...

2- كتاب (تاريخ حضرموت السياسي) للشيخ صلاح البكري رحمه الله...

*** منقول عن منتديات اظهار الحق للعضو(الطاهري)





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق